مصر موتورز مجتمع السيارات - التحايل "الاخوانى"!!

ثروت الخرباوى يكشف: سقوط البنا فى عين أستاذه !!

إذا دَخلتَ الجماعة.. فاخلع نعلك.. وعقلك!

سقط البنا فى عين أستاذه محب الخطيب بعدما تبين له العلاقة المريبة بينه وبين القمى الشيعى

سألنى الأستاذ هيكل فى 2013 كيف يتحول الأخ فى الإخوان إلى أداة طيعة فى يد قياداته فأجبته: قاعدة الإخوان التى تسير عليها «إذا دخلت الجماعة فاخلع نعلك وعقلك»

لم يقف الخطيب ساكتًا وهو يرى البنا يقطع شوطًا كبيرًا فى نشر المذهب الشيعى فى مصر تحت غطاء «التقريب»

الخطيب سخر من مفارقة أن تنفق إيران بسخاء على إنشاء دار للتقريب فى مصر ولا تُنشئها فى إيران!

كان الشيخ محب الدين الخطيب والشيخ رشيد رضا هما سند البنا وهو يخطو بجماعته خطواتها الأولى

هل كل من كان توّاقا للمعرفة يمر به ما مر بى؟ هل السعى للمعرفة إثم كبير؟ بعضنا يستحضر من ضميره تلك النغزة التى نهشت قلب سيدنا آدم وهو يأكل من الشجرة المحرمة ليعرف، لا شك أنه اقترب من الشجرة وقلبه يرتجف، فهذه أول مرة سيعصى الله فيها، لكن الرغبة فى المعرفة كانت أكبر من احتماله فغوى، هل المعرفة غواية؟ لا ليست المعرفة غواية، لكن للمعرفة غواية، إلا أن البعض يعتبر أن المعرفة من غير طريقه هى «غواية» يستدعى من الذكريات الكامنة فى النفس الإنسانية لحظة «غواية» آدم، فيسقطها على المعرفة ذاتها، وقد أوقف هذا الأمر عقلى عدة مرات حينما كنت فى الإخوان، كان أول ما أوقفنى النهى الدائم عن السؤال، مع أن السؤال هو طريق المعرفة!! فإذا كان الأخ لحوحا ومصرا على المعرفة فإنه يُـقـَابل بآية قرآنية يضعونها أمامه وكأنها نهى عن المعرفة، إى وربى، يتحول الدين عند البعض إلى «كابح للمعرفة» من خلال آية كريمة هى (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) لم يفهموها أو بالأحرى قاموا باستخدامها ليغلقوا طريق المعرفة أمام الأتباع، فمن عاش فى الظلام ردحا، كره نور المعرفة قطعا، لكننى لم أكن ألتفت إلى التحذيرات والتنبيهات، كنت أخترق الحواجز والتعليمات وآخذ بعضى وأذهب إلى مقر الجماعة، أو بيت المرشد، لأسأل وأعرف وأعقب، وكان هذا يقدح عند بعضهم فى إخوانيتى.

أذكر أننى تقابلت مع الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى الربع الأول من عام 2013، واستمر اللقاء ما يقرب من الساعتين، وسألنى: كيف يتحول الأخ فى الإخوان إلى أداة طيعة فى يد قياداته؟! ثم قال متعجبا: هذا شىء مذهل!!

فقلت له: هناك قاعدة فى الإخوان تسير عليها الجماعة هى «إذا دخلت الجماعة فاخلع نعلك وعقلك» ثم يرددون دائما مقولة سيدنا على بن أبى طالب «إن الدين لا يؤخذ بالعقل» وبهاتين يتم تدريب الأفراد وتطويعهم، لكننى لم أخلع عقلى أبدا، وإن كان قلبى قد طغى على عقلى بعض فترات، لكن للطغيان زمن وجولة، وللعقل صيرورة ودولة، وقد صرت إلى عقلى حين انتهى طغيان مشاعرى.

عندما وقعت تحت يدى الورقة التى عثرت عليها فى مجلة النذير عام 1992 كانت بمنزلة «فاتح شهية» للمعرفة، فقد وجدتنى بعد أن قرأتها شغوفا لمعرفة العلاقة التى ربطت بين الإخوان والشيعة، حتى أصبح هذا «الشغف» مصدر أرق لى فى حياتى، فكان أن احتفظت بالورقة «الكنز»، وقال لى نهمى للمعرفة هل من مزيد، ومن أجل المزيد ظللت فى ذات الشهر أشد الرحال إلى مقر الجماعة بشارع سوق التوفيقية بمنطقة وسط البلد مرة كل أسبوع، لعلى أقابل أحد أفراد الرعيل الأول للجماعة فأسأله وأستحث ذاكرته، وفى ذات الوقت وجدتها فرصة كى أبحث فى الأعداد القديمة لإصدارات الإخوان الصحفية التى كانت متناثرة فى أرجاء المكان بلا عناية ولا اهتمام، وذات مرة لفت نظرى فى ركن ملاصق للمكتبة بعض «أفرخ أوراق» متنوعة الأحجام موضوعة فى مكانها بلا ترتيب، وحين سألت عنها مسؤول المقر قال لى إنها أوراق قديمة خاصة بمجلة «الدعوة» التى كانت لسان حال الجماعة والتى توقفت عن الإصدار منذ سنوات.
فعدت أسأله: وما تحوى؟
قال بعدم اكتراث: بعض الأفرخ كبيرة الحجم بها «الرسم اليدوى» لصفحات المجلة، والأوراق الصغيرة فيها المقالات والتحقيقات لكثير من الأعداد، بعض هذه الأوراق تم إعدامها لأنها لا تمثل قيمة، وكانت عبئا على المكان، أما هذه الأوراق فقد طلب الأستاذ جابر رزق رحمه الله الاحتفاظ بها حتى يراجعها، إلا أنه مرض وسافر للخارج ثم مات إلى رحمة الله، ومن ساعتها ظلت هذه الأوراق فى مكانها لم يراجعها أحد.

استمعت إلى الرجل ثم حملت هذه الأوراق وجلست إلى مائدة فى المكان وأخذت أتصفح الأوراق فوجدت فيها كنزا لا ينبغى تركه أبدا، كان هذا الكنز بمنزلة الشجرة المحرمة علىّ.

هل أتركه أم آكل منه؟
لا يوجد نهى عن تصفح هذه الأوراق.
نعم لكن يوجد نهى عن حملها وأخذها ثم امتلاكها فهى مملوكة للجماعة.
لكنها إذا ظلت هنا ستبيد ولن يشعر بها أحد.
وليكن ولكنها محرمة عليك.
إنها معرفة، والمعرفة ملك لمن يحصل عليها، فهى كالماء والهواء.
وليكن.
ولكن لو أذن لى أحدهم أكون قد تجاوزت النهى.
إذن أبحث عمن يأذن لك.
وفى هذا اليوم لم يأت أحد من كبار الإخوان إلى المقر، فحملت أفكارى وانصرفت.

وفى اليوم التالى مباشرة كنت هناك، وكان من حظى أن تقابلت مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذى كان قد حصل على عضوية مكتب الإرشاد قبلها بسنوات قليلة، وكان من أنشط أعضاء مكتب الإرشاد، وفى ذات الوقت كان وقتها يتولى مسؤولية قسم المهنيين فى الجماعة، لم أتحدث معه كثيرا إذ كان مشغولا بمقابلة بعض الضيوف من العرب، فانتهزت الفرصة وأخبرته عن الأوراق القديمة المهملة الملقاة بالجانب الملاصق للمكتبة، ونقلت إليه رغبتى فى إجراء بحث فى هذه الأوراق لعلى أجد فيها شيئا له قيمته، فوافق سريعا دون تعقيب وكأنه يقول لى: هى عندك أكثر فائدة من هنا؟.

وحينما انفردت بهذه الأوراق فى بيتى كنت مثل «على بابا» الذى وقع فى الذهول حينما رأى كنز المغارة، وها أنا ذا جالس على مكتبى أمام جزء من كنز المغارة والذهول قد أخذ لُبى وملك مجامع قلبى، وأنا المتشوق للمعرفة ألتهم السطور بعينى، أخذت عينى تتملى الأوراق كأننى أنظر فى وجه أحد الأجداد عاد من زمن سحيق ليخبرنى عن دنيا انتهى زمنها، لكن أثرها ما زال باقيا، استراح قلبى لهذه الأوراق الصفراء التى شممت فيها رائحة التاريخ الذكية، وكأن للقديم عبقه وسحره!

كانت الورقة الكبيرة بها خريطة يدوية عنوانها «إنشاء جمعية السنة والشيعة» وتحتها عبارة «المقترح اسمها دار التقريب».
ثم بعض الخطوط الطولية والعرضية تحتها بعض البيانات، وفى الجانب الأيمن من الورقة توجد العبارات الآتية:
حضرة الأستاذ المفضال حسن أفندى البنا.
السلام عليكم ورحمة الله
رأيت أن يكون هذا تصورى لجمعية التقريب ولك الحق فى أن تعدل ما تشأ ولكن لى رأى أرجو أن نعالجه معا هو وجود علماء سنة يحاربون الجعفرية ويتقولون عليها بغير علم مثل الأستاذ محب الخطيب والشيخ طه الساكت والشيخ السبكى، وكلى أمل فى قدرة فضيلتك على ضمهم للجمعية فإذا كانوا معنا سقطت حجتهم فى التقول علينا.

المخلص الأمين
السيد محمد القمى
وبجوار التوقيع ختم الشيخ القمى.

لفت نظرى فى هذه الورقة «الوثيقة» أن القمى قال فى خطابه للبنا وهو بصدد الاقتراح الذى أبداه لوقف الحملة ضد الشيعة عبارة «فى التقول علينا» والمعنى السابق يفيد أن هناك هجومًا من علماء السنة على الجعفرية، ثم يجمع القمى نفسه مع فى كلمة «علينا» ورغم أن هذه العبارة تفيد من ظاهرها أن هناك من يتقول على دار التقريب فإنها أيضا تفيد أن هناك من يتقول على «الجعفرية» فلماذا جمع القمى نفسه مع البنا فى علينا وهو يتحدث عن الشيعة؟! إلا أننا سنأخذ بظاهر النص الوارد فى هذه الوثيقة النادرة وسنفتح الباب الذى تحدث عنه القمى، باب التقول، فما الذى كان يقصده القمى هنا بالتقول؟

■ ■ ■
كان لا بد وأن أعود إلى الكتابات التى سطرها الشيوخ الذين «تقولوا» ماذا كتب الشيخ محب الدين الخطيب والذى كان أستاذا للبنا، ومقربا منه بل إن البنا فى مذكراته أشاد بأستاذه الخطيب وبفضله عليه، كان الشيخ محب الدين الخطيب ومعه الشيخ رشيد رضا هما السند الذى استند إليه البنا وهو يخطو بجماعته خطواتها الأولى، فكيف يتقول محب الدين الخطيب على البنا والقمى؟!

وحين عرفت أن محب الدين الخطيب ألف كتابا وقت إنشاء دار التقريب تحت عنوان «الخطوط العريضة للأسس التى قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثنى عشرية» أخذت أبحث عنه فى المكتبات ولدى الأصدقاء إلا أننى للأسف لم أعثر له على أثر حتى وجدته فى غضون عام 2004 فى مكتبة أحد أساتذتى الكبار وهو الأستاذ أحمد إبراهيم أبو غالى فتلقفته منه وقرأته بعناية فائقة حتى إننى كدت أن أستنطق السطور لتشى لى بما لم يبح به الشيخ محب الدين الخطيب.

فاجأتنى بعض العبارات فى الكتاب، ودعتنى إلى إعادة التفكير فى العلاقة التى كانت تربط البنا بالشيخ محب الدين الخطيب، هل بالفعل استمرت العلاقة بين الطرفين جيدة إلى أن مات البنا؟! صحيح أن محب الدين الخطيب رثى البنا بعبارات طيبة، إلا أن ما يقال وقت الوفاة وفى الخطب الجلل لا يقاس عليه، لكن المتتبع للعامين الآخرين من حياة البنا وخصوصا فى الفترة التى بدأ البنا فيها تأسيس دار التقريب مع الشيخ القمى يجد أن العلاقة بينه ومحب الخطيب كانت فاترة!

لكن ما العبارات التى كتبها محب الدين الخطيب فى كتابه واستوقفتنى؟ قال:

(فقد لوحظ أنه أنشأت الدعوة التقريب دار فى مصر ينفق عليها من الميزانية الرسمية لدولة شيعية الدولة الشيعية الكريمة آثرتنا بهذه المكرمة فاختصتنا بهذا السخاء الرسمى وضنت بمثله على نفسها وعلى أبناء مذهبها).

لم نعهد على الشيخ محب الدين الخطيب الحديث بسخرية، لكنه هنا فى عباراته هذه يسخر من تلك المفارقة العجيبة، مفارقة أن تنفق إيران بسخاء على إنشاء دار للتقريب فى مصر ولا تنشئ مثلها فى إيران!! ثم أن الشيخ يلوح هنا بمسألة الإنفاق بسخاء، والذين قاموا بالإنشاء هما الشيخ البنا والشيخ القمى، والقمى جاء من إيران لهذا الهدف، وهو الذى كان يتلقى المال من إيران، وبذلك يكون الشيخ الخطيب وخز تلميذه البنا وخزة موجعة تتعلق بالمال الذى جاء من إيران، وكيف أنه تم توزيعه بسخاء!!

وأشار الشيخ محب الدين الخطيب فى هامش الصفحة الثامنة أن نهج الإنفاق بسخاء هو نهج الشيعة وهو الذى ساعدهم على نشر المذهب الشيعى فى العراق!! فهل التمليح هنا وصل إلى درجة قريبة من الإفصاح؟

فى باقى الكتاب استعرض محب الدين الخطيب عقائد الشيعة وأظهر مدى الخلل فيها والزيغ الذى اعتورها، إلا أنه أيضا طرح قضية منطقية، هى، كيف يكون الاقتراب من طرف واحد، أليس هذا الأمر يثير الشك والريبة؟ لماذا لم تأخذ الشيعة خطوة للاقتراب من السنة، أو بالأحرى لماذا نقترب نحن من الشيعة وهم على مواقفهم العقائدى لا يغادرونه قيد أنملة؟ هذه أسئلة طرحها محب الدين الخطيب وأجاب عنها فى كتابه بعد أن وضع جدولا يوضح فيه الفروق بين الشيعة والسنة والتى من خلالها أيقن الشيخ أنه يستحيل التوفيق بينهما.

لكن هل اكتفى الأستاذ محب الدين الخطيب بهذا الكتاب؟ لم يقف الخطيب ساكتا وهو يرى البنا يقطع شوطا كبيرا فى نشر المذهب الشيعى فى مصر تحت غطاء التقريب، لذلك كتب مقالا يعتبر من أهم المقالات فى هذا الصدد ونشره فى مجلته الشهيرة «الفتح» بالعدد 862، وقد أغلظ الأستاذ محب الدين الخطيب للبنا والإخوان فى هذه المقالة واتهمهم بالتسيب والميوعة تحت مسمى «إزالة الفوارق» وأقام عليهم الحجة، ولأن حسن البنا تألم من هذه المقالة، ولأن الإخوان فوجئوا بها فقد أوقفوا آلة التاريخ التى لديهم فلم ينقلوها ولم يؤرخوا لها فى كتبهم على حد علمى بل ظلت مخفية، وظل محب الدين الخطيب هو الراعى الكبير لحسن البنا ومشروعه، رغم أنه اتهمه فى ذمته المالية وفى توجهاته السياسية، بما يعنى أن خيبة أمل كبيرة أصابت محب الدين الخطب، لكنك إذا فتحت تاريخ الإخوان ستجد أن هناك من مزق هذه الصفحة إذ كانت بمنزلة ورقة التوت التى انكشف فظهرت سوأتهم الحقيقية.